الخلاصة:
يعد الشعر من أكثر الأجناس تقبلا للتحول و كذا التشكل الذي تؤديه تحولات اللغة و انعطافها عبر بلاغة تنفتح على المحدث من تلك الموالج التكوينية لأدبيات الكتابة الشعرية، و من ثم فالخطاب الشعري يستجيب لسوائح التحول الذي يباشر تشكيله و يلبي انعطاف الأسيقة و تخوم الأنساق، و إذا كان الشعر هو صلب البلاغة و أسس التكوين الجمالي فهو لا يذعن لصرامة النحو إذ لا يقبل أن يكون شاهدا على صرامة القاعدة و قطعية التجديد و صورية التحديد، و لا ينصاع لمختبر المعيارية.
و منذ تلك القصيدة التي توختها البلاغة للموروث الشعري فإن القصيدة سلكت منفذا خفيا عبر اشتغال اللغة و توثب الاستعارة إلى غير المعتاد من التشكل المجازي، و من ثم فإن علامات الخطاب الشعري العربي في نهضته و التي راح يؤديها كل من ( البارودي ) و ( شوقي ) و ( الرصافي ) و ( الجواهري ) ظلت تعبر في مجملها عن سكونية للتشكل الشعري أفرزتها طبيعة التأسيس و خصوصية التأصيل، إن حداثة الخطاب الشعري لم تكن مراما طيعا، و عليه فإن طبيعة البدأ الشعري أو الشروع التكويني تستجيب أساسا لمرونة السياق أكثر لأن النسق يظل عصبا على ممكنات التحول على الرغم من حضور تلك الفرادة في استجابتها للمحدث من الأبنية لأنه على الرغم من انحصار الشعر ضمن التصنيف في الموروث الشعري عبر ما نجده في المعلقات و المفضليات و أشعار الحماسة و الأصمعيات و أشعار الهذليين، فإن الشعر تعززه دوما خصوصية الفرادة و من ثم فالشاعر ينتهي إلى فرادته و يخلص الى ذاته في إنتاج الخطاب الشعري عبر المختلف من اللغة و المغاير من البلاغة، رغبة منه في الأحداث المغاير للأتباع متعديا خطية الإجماع في نسج الخطاب الشعري إلى التفرد المغاير.