الخلاصة:
كان تفسير النص القرآني - وما زال - الشغل الشاغل للمفسرين، لأن فهم المراد من النص الهدف الأسمى، والغاية الكبرى؛ لما له من الآثار والثمار، فلا غرو بهذا الاعتبار أن تتجه الأنظار إلى تفسير النص القرآني منذ نزوله.
وقد صاحب تفسير النص القرآني تباين في الوسائل والغايات، فحرص المفسرون على الكشف عن المراد من النص في ضوء ما أتيح لهم من معالم وقرائن معينة على فهمه.
كما حرصوا على الحيلولة دون العبث بالنص القرآني، فعمدوا بعد الإستقراء إلى وضع مجموعة من القرائن التي تعين على التفسير السليم له، ولتكون بمثابة الميزان الذي يعرف به التفسير المقبول من غيره.
لقد آتت هذه القرائن ثمارها، وبرزت آثارها، فصار لها حضور مشهور لدى مفسري النص القرآني، الذين عنوا بها منذ وقت مبكر؛ تفصيلاً وتأصيلاً وتطبيقاً، فحازوا فضل السبق في ذلك كله.
كان السياق من أبرز هذه القرائن، حيث وقف المفسرون على دوره المتميز، فأنزلوه منزلته اللائقة به، وسنعرض لها ونحن نكشف عن معنى السياق، وعن منزلته ومجالاته وغاياته، في بحث يدور حول أثر السياق القرآني في الكشف عن المعاني، وسيكون هذا كله في نطاق ما يتسع له المقام من بسط وضرب للأمثلة، في محاولة لإبراز ما اندثر، وجمع ما انتثر من مسائل تتصل بالسياق، لعلها تعطي بمجموعها صورة واضحة المعالم، وتعين علي الإفادة منه دون إفراط أو تفريط، وهي خطوة سبقتها من غيري خطوات متناثرات؛ سوغت لي البحث في هذا الموضوع.