Abstract:
لقد برزت الرواية الجزائرية الجديدة للمتلقي العربي بسيمات حداثية مائزة ومتطورة في تشكيلاتها السردية ،
جعلتها تدخل معترك التجديد والتجريب الروائيين من أوسع الأبواب ، ومتجاوزة إلى حد بعيد الطابع الكلاسيكي
الذي عرفت به الروايات الجزائرية التأسيسية ، حيث لم تخرج هذه الأخيرة من دائرة الجمود والتقليد ، خاصة ما تعلق
بحركية الزمن الروائي ، وطرائق تقديم المادة الحكائية .
تناولت في هذه المذكرة من أجل استجلاء طرق التشكيل السردي في الرواية الجزائرية من خلال أنموذج
رواية "كتاب الأمير" : الزمان ، المكان ، السرد ، اللغة ، الشخصيات .
استهللت هذه الدراسة ، قبل تفصيل الحديث عن البناء والسرد في أنموذج الرواية الجزائرية الجديدة ، بإبراز
مراحل وملامح وخصائص الرواية الجزائرية ، من خلال تقديم لمحة عن مفهوم الرواية ، ثم الرواية الجزائرية ما قبل
السبعينيات ، بعد ذلك الرواية الجزائرية المكتوبة بالفرنسية ، ثم عرجت بعد هذا إلى النظر في الانطلاقة الحقيقية
للرواية العربية الجزائرية ، التي مثلتها مرحلة السبعينيات ، كما أشرت في هذا الصدد إلى الرواية الجزائرية التسعينية ،
وأهم خصائصها ومميزاتها . وختمنا الحديث في المدخل بالتطرق لعلاقة الرواية الجزائرية بالتاريخ الوطني والثوري .
الفصل الأول : وكان عنوانه " التشكيل الزمني و المكاني" ، وقد قسمته إلى قسمين كبيرين ، فكان القسم
الأول بعنوان : " التشكيل الزمني" ، تناولت فيه : مفهوم الزمن ، الزمن الطبيعي ، المفارقات الزمنية ( استباقات
واسترجاعات ) ، ثم إيقاع السرد من حيث البطء والسرعة . أما القسم الثاني : التشكيل المكاني ، فتعرضت فيه لمعنى
المكان الروائي ، بعد ذلك اعتمدت نمذجة " حسن بحراوي " للأمكنة الروائية ، فقسمت هذا الجزء إلى قسمين ،
الأول : متعلق بأمكنة الإقامة بنوعيها : الاختيارية ، الإجبارية ، الثاني : متعلق بأمكنة الانتقال بنوعيها : العامة ، الخاصة .
الفصل الثاني : أفردناه للحديث عن " تشكيل السرد" ، بدأناه أولا ، بتوطئة حول مفهوم السرد وعلم السرد ، ثم
عناصر رئيسية في السرد كانت على النحو الآتي : السارد في " كتاب الأمير " - الرؤية السردية و تناولنا فيها ( الرؤية
مع الرؤية من الخارج الرؤية من الخلف ) - الصيغة السردية في كتاب الأمير - وأخيرا التعدد اللغوي .
الفصل الثالث : خصصناه لتحليل الشخصيات الروائية ، فكان عنوانه : تشكيل الشخصيات ، تناولنا فيه العناصر
التالية : مفهوم الشخصية تقديم الشخصيات ، وفيه التقديم الذاتي بواسطة الشخصية نفسها ، والتقديم الغيري بواسطة
الراوي والشخصية لغيرها – تصنيف الشخصيات إلى شخصيات محورية ، وأخرى ثانوية - وأخيرا الشخصيات
وعلاقتها بالحيز الروائي .
وخلصت من خلال رحلتي البحثية في التشكيل السردي في الرواية الجزائرية ، ممثلة في أنموذج رواية " كتاب
الأمير " إلى مجموعة من النتائج التي أوجزتها في خاتمة البحث . وكان من أبرزها :
- تعتبر فترة السبعينيات الانطلاقة الحقيقية والحاسمة للرواية الجزائرية ، إذ أصبحت الرواية ناجحة في بنائها
الفني ، ولا تكاد تشكو نماذجها من أي ضعف أساسي ، يجعل بنياتها تتداعى في أي فصل من فصولها .
- الرواية الجزائرية الجديدة لا تسير على وتيرة واحدة على نحو السرد الكلاسيكي ، بل تتخللها مفارقات زمنية ،
ومستويات سردية متنوعة .
- إن الرواية الجزائرية الحديثة تتجاوز تلك الرؤية التقليدية التي يسيطر فيها الراوي العليم على بوابة السرد ،
لذلك نجدها تعتمد التنويع في الرؤيات السردية ، وفي صيغ السرد .
- تميزت اللغة السردية في الرواية الجزائرية الجديدة بالتنوع والانفتاح ، حيث نجد فيها اللغة الوصفية الشعرية ،
واللهجات العامية ، وتجاوزت كل هذا إلى الرغبة في كسر التعبير بالعربية بإدخال اللغة الفرنسية .
- إن الدور المنوط بالرواية الفنية التي تستعير التاريخ ، ليس مجرد إعادة الأخبار التاريخية ، بل إنها تتفرد بطريقة
خاصة في بناء ذاتها جماليا ، وتسريب حمولتها أطروحيا ، فتشير بذلك إلى الجوانب المغيبة التي لم يعرها المؤرخ
اهتماما . وهو الأمر الذي لمسناه عن قرب في رواية " كتاب الأمير " .