Abstract:
إن ما شهدته الجزائر في مجال الملكية العقارية الخاصة من مراحل تشريعية مختلفة ومتعددة -وعلى رأسها الدستور الذي كفلها- اتسمت بالمرونة وأحيانا أخرى بالتعقيد , أدى إلى بروز إشكاليات معقدة على مستوى القضاء لا سيما الإداري منه الذي عجز إيجاد حلول عادلة في بعض الأحيان , ومن هنا وجب على الباحث في منازعات الملكية العقارية أن يعرف جيدا تواريخ القوانين وتواريخ سريانها ونفاذها على اعتبار أنها المرجع في إضفاء الصبغة القانونية لكل تصرف يتعلق بالملكية العقارية الخاصة , ومن هذا المنطلق وجب على الدولة إنشاء محاكم عقارية متخصصة تعنى بالنظر في المنازعات العقارية بمختلف أنواعها مع ضرورة تكوين إطارات قضائية تختص بالمادة العقارية على أن توفر لها وثائق العمل اللازمة لها , لان التخصص أصبح ضرورة ملحة لتكوين القاضي , مما يسمح بضمان فعالية أكثر للجهاز القضائي المكلف بالتدخل في احد أهم المجالات التي تشهد تطورات مستمرة .
كما يتعين على الدولة وبالخصوص السلطة التشريعية الممثلة في المجالس النيابية التي تم تجديدها مؤخرا أن تعمل على إعادة النظر في مجمل القوانين التي تحكم النظام العقاري المعمول به في بلادنا , من خلال جعل هذه القوانين مواكبة للتطورات العقارية الجارية , وبالتالي المساهمة في إيجاد قوانين ملائمة من شانها تسريع عملية التطهير العقاري البطيئة , والتي تعتبر الوسيلة الفعالة في تسوية وضعية العقار والتي بموجبها يمكن تجسيد تطلع الدولة لتجسيد مشروع التوثيق العام الذي يتماشى مع إرادتها في التحكم السليم في مختلف المنازعات المطروحة على القضاء .
إن المجال العقاري يعد من المجالات التي كثرت فيها النزاعات العقارية , ويرجع ذلك أساسا إلى عدم وجود مسح شامل للأملاك العقارية والتي تحدد ملكية الأفراد عن طريق مختلف التعاملات العقارية من بيع وشراء ومنها تعترف بأحكام الحيازة زد إلى ذلك الانقسام بين الهيئات القضائية حول تطبيق القوانين الخاصة بمثل هذه المنازعات أدت بشكل أو بأخر إلى انتشار العديد من القضايا وكثرتها والتي تؤول كلها للقضاء حتما .
زيادة على ذلك عدم احترام الهيئات الإدارية للقوانين وإصدار قرارات مخالفة للقانون تمس بمصلحة الأفراد , كل هذه المعطيات توجب على المشرع ضرورة تبسيط ما اعترى القوانين من تناقض وتضخم وعدم تجانس , الأمر الذي جعلها غامضة وصعبة التطبيق , أثقلت كاهل القضاء العقاري والإداري مما جعل من إشكالية العقار في الجزائر من اكبر المعضلات وكل محاولات تطهيره باءت بالفشل وبالتالي بدا لي انه من الضروري توخي الدقة والحيطة في سن قوانين منظمة لهذا الميدان الهام إلى أقصى درجة لأنه يمس بالنظام العام للدولة هذا من جهة .
ومن جهة ثانية فإن دور القضاء الإداري في مجال نزع الملكية هو الأخر لم يحض بالاهتمام بما فيه الكفاية , سواء من طرف الباحثين والقانونيين أو حتى من طرف المشرع الذي حاول وضع نظام قانوني خاص بنزع الملكية إلا انه اغفل العديد من الجوانب كان على القاضي الإداري إرساء قواعدها ومبادئها إلا أن هذا لم يحدث حيث يتجلى ذلك حين أولى المشرع الاهتمام كله لمنازعة قرار التصريح بالمنفعة العمومية فنص على إجراءات الطعن في هذا القرار من حيث الأجل والأثر المترتب عن رفع الدعوى كما انه قيد القاضي الإداري بمدة الفصل في الطعن دون أن يفصل فيما إن كان يشمل دعوى الإلغاء أو التعويض واغفل مسالة الطعن في فرار نزع الملكية وعليه نرى ضرورة تدخل المشرع لتوحيد إجراءات الطعن بالنسبة لكافة مراحل نزع الملكية.