Abstract:
إن المسؤولية الجزائية للموظف العمومي أضحت اليوم ظاهرة عالمية خطيرة لا يمكن حصرها في شكل أو صورة معينة، فهو يختلف باختلاف الجهة القائمة به ويتفق في الغاية منه والمتمثلة في تحقيق الاغراض والمصالح الخاصة على المصلحة العامة، فمحاربة الفساد الإداري يتوقف على توفير وشغل وقيام إدارة نوعية واعية قادرة على مواجهة هذه الظاهرة ومحاصرة مرتكبيها مهما تعالت مناصبهم وعلى اختلاف وظائفهم دون نسيان الوازع الديني لاعتباره دفعا قويا كقوله تعالى )لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم( وما يزيد من خطورة هذه الظاهرة التي يصعب تصنيفها أو حصرها تفاعلها مع الظروف والمتغيرات المختلفة في الحياة الفردية فضلا على اختلاف الجهات القائمة به التي قد تكون جهات بسيطة أو شبكات تخطيط محكمة تعتمد على متمرسين محترفين يسعون لنشر ممارسات الفساد المختلفة، لذلك فأساليب مكافحته لا بد أن تتم من طرف خبراء لتحقق الهدف المراد تحقيقه .
ومن خلال محاولتنا البسيطة لهذا موضوع الذي أصبح من اهتمام و أولويات الدول التي يشكلها في مختلف الميادين، ورغم وجود اختلاف في تحديد مفهوم الفساد بين الفقهاء وبين التشريعات إلا أن المشرع الجزائري لازال في مشواره لقمع مثل هذا النوع من الجرائم من خلال أنه يعمل جاهدا للاستفادة من التجارب العالمية من خلال القانون 06-01 ولذلك كان لابد للمشرع الجزائري من دراسة مواقع الخلل في جميع التشريعات القانونية التي تسمح له من خلالها القضاء على أوجه الفساد الإداري على اختلاف أشكاله وطرقه .
وفي ظل احكام هذا المرسوم حرص المشرع الجزائري على توفير منظومة قانونية متكاملة عبر كم هائل من التعديلات .. لذا تستدعي مقتضيات الحكم الراشد وجود أليات فعالة شاملة ومحكمة لضمان تجسيد فكرة حماية المال العام وفي إطار كل ما سبق نخلص إلى النتائج التالية :
1. تنوع ممارسات الفساد بشكل كبير من قبل الموظفين العموميين بهدف الحصول على أموال ومكاسب غير مشروعة لخدمة الصالح العام .
2. تبين صور الفساد التي استحدثها المشرع الجزائري في القانون 06-01 بمكافحة الفساد كالرشوة، الاختلاس ، كما بينا أركان هذه الجرائم والعقوبات المقررة لها لكن رغم هذا التنظيم القانوني إلا أن هناك عدة سلوكيات تمارس من قبل الموظفين غير منظمة بموجب هذا القانون رغم خطورتها فمرتكبيها بعيدا كل البعد عن دائرة العقاب.
3. إفلات الموظفين من المسؤولية والعقاب رغم ارتكابهم أفعال غير مشروعة وذلك لاستغلالهم للثغرات القانونية.
4. التستر على المخالفين والتجاوزات والتساهل مع حالات الرشوة والاختلاس واستغلال النفوذ وغيرها من الممارسات والتي أصبحت بمثابة أعراف جديدة وذلك تحت غطاء المباحات في إطار زيادة أعباء الحياة اليومية.
وعلى ضوء ما سبق في دراسة وتحليل الأبعاد المختلفة لموضوع المسؤولية الجزائية للموظف العمومي لحماية المال العام ارتأينا تقديم بعض الاقتراحات والتي نرى أن الأخذ بها ووضعها موضع التطبيق العملي قد يؤدي إلى الوصول إلى نتائج ايجابية:
التربية والتعليم للجيل الجديد من خلال مناهج تربوية صالحة تزرع السلوك الإنساني السوي.
دراسة وتقييم احتياجات المواطن المادية والمعنوية دراسة شاملة يتم من خلالها منحهم المرتب اللائق لكي لا يستغل منصبه لأغراض خاصة وشخصية.
تطبيق وفرض قانون الوقاية من الفساد من كل الجرائم الواقعة على الموظف العمومي
القضاء على المحسوبية والعنصرية والواسطة والجهوية واستبدالها بالقناعة الوطنية وحب الوطن والمساواة.
فرض أقصى العقوبات وكذا تحمل الموظفين المرتكبين هذا النوع من الجرائم المسؤولية الكاملة وعدم التساهل معهم وذلك حماية للمال العام.