الخلاصة:
لقد أصبحت العملات الافتراضية تمثل أحد أبرز مظاهر الثورة الرقمية في المجال المالي وهو ما أدى إلى تغيرات جوهرية في طبيعة المعاملات النقدية والاقتصادية على الصعيدين المحلي والدولي ، ورغم ما تحمله هذه التكنولوجيا من مزايا عديدة كسهولة التداول، وسرعة التحويل، وتجاوز القيود التقليدية، إلا أن هذه الخصائص نفسها أضحت مصدر تهديد للأمن العام، خاصة عندما تُستغل من قبل التنظيمات الإرهابية في تمويل أنشطتها غير المشروعة.
ومن خلال هذه الدراسة تبيّن أن العملات الافتراضية تطرح إشكاليات قانونية معقّدة من حيث التنظيم، والمراقبة، وإثبات النشاطات الإجرامية ذات الصلة ، وقد اتضح أن التشريعات سواء الدولية أو الوطنية، لا تزال في طور التكيّف مع هذا الواقع الجديد، في ظل التحديات التقنية والاختصاص القضائي العابر للحدود، وضعف التنسيق بين الدول.
كما أن استخدام هذه العملات في تمويل الإرهاب يفرض ضرورة إعادة النظر في أدوات الرقابة المالية، وتوسيع نطاق مكافحة الجريمة الإرهابية لتشمل الجانب السيبراني والرقمي، وهو ما يتطلب تظافر الجهود التشريعية والأمنية والتقنية.
التوصيات العامة
في ضوء ما تم التوصل إليه من نتائج، نقترح ما يلي:
1. سنّ تشريعات وطنية واضحة ومحددة بشأن التعامل بالعملات الرقمية، تنص صراحة على العقوبات المقررة لتمويل الإرهاب باستخدام هذه الوسائل، وتحدد الجهات الرقابية المسؤولة.
2. إنشاء وحدات متخصصة في التحقيق المالي الرقمي داخل أجهزة الشرطة والقضاء، مع توفير التكوين المستمر في مجالات العملات المشفرة، وتقنيات التشفير، والأمن السيبراني.
3. تعزيز التعاون الدولي والإقليمي من خلال إبرام اتفاقيات تبادل المعلومات بين الدول، وتوحيد المواقف القانونية حيال تداول العملات الافتراضية المشبوهة.
4. فرض التزامات مشددة على مزودي خدمات العملات الرقمية ( مثل منصات التداول والمحافظ الرقمية) بضرورة تطبيق إجراءات العناية الواجبة بالعملاء (KYC)، والتبليغ عن الأنشطة المشبوهة.
5. تشجيع البحث العلمي القانوني والتقني في ميدان الجرائم الرقمية وتمويل الإرهاب، بهدف دعم السياسات العمومية المبنية على المعرفة والدراسات المعمّقة.
6. إنشاء هيئات رقابية إقليمية عربية تعنى بتنظيم ومراقبة التداول بالعملات الرقمية، وتبادل الخبرات والمعلومات بين الدول الأعضاء.