Abstract:
إن اللغة المكتوبة والمنطوقة من أهم وسائل التواصل بين بني البشر,فكانت محل
د ا رسة وعناية وتحليل من أجل الكشف عن أس ا ررها,ومن ثم فقد حظيت بنصيب وافر من
اهتمام المختصين في الدرس اللساني منذ القدم . وكانت الجملة عند أصحاب النظريات
اللسانية -خصوصا- بؤرة الاهتمام والوحدة الأساسية للد ا رسة,وبقيت زمنا طويلا لا تتعدى
حدود الجملة,لكن الاهتمام الشديد باللغة والتطور الحاصل في جميع العلوم أحدث قفزة نوعية
تجاوزت محورية الجملة بوصفها الوحدة اللغوية الكبرى لتصل إلى وحدة جديدة أكبر سميت
بلسانيات النص. والتي صارت علما قا ا ر في أوربا أول الأمر في منتصف الستينيات ثم
انتقلت إلى مناطق أخرى من العالم وتشكلت تدريجيا مع بداية السبعينيات حتى غدت ا رفدا
على ساحة الد ا رسات اللسانية المعاصرة,فجاءت بديلا لمناهج لسانية سبقتها,حاملة توجها
قويا نحو الاعت ا رف بها منهجا جديدا لد ا رسة النصوص مقابل لسانيات الجملة,وفتحت للدرس
اللساني منافذ كان لها أبعد الأثر في د ا رسة اللغة ووظائفها وجعلت من النص وحدة كلية
تؤدي أغ ا رضا معينة في مقامات تبليغية محددة.
ومن هذا المنطلق أصبح مصطلح لسانيات النص واحدا من المصطلحات التي
حددت لنفسها هدفا وهو الوصف والد ا رسة اللغوية للأبنية النصية,إلا أن الاختلاف الموجود
هو حول المصطلح في حد ذاته إذ لم يلق التوحيد. فتميز هذا العلم بحداثته وتنوع
موضوعاته فاحتل بذلك -موضوع الد ا رسات النصية - موضعا مركزيا في الد ا رسات اللغوية
الحديثة كونه الأكثر جدارة في التعامل مع اللغة بنوع من المرونة والمنهجية تجعلها قادرة عن
السيطرة عليها,باعتبارها الأقدر على كشف مكامن النصوص وتفكيك بناها,وكذا البحث في
مستويات نصيتها . فكان مفهوما الاتساق والانسجام من أهم المفاهيم التي عنيت بها
اللسانيات النصية وهما بذلك يحتلان موقعا مهما في أبحاث ود ا رسات لسانيات ما بعد
الجملة,فينطلقان من النظرة الكلية للنص دون الفصل بين أج ا زئه ليظهر كنسيج واحد,وبنية
كلية متلاحمة الأج ا زء,كما يعتب ا رن من أهم المسائل التي شغلت العلماء عربا ومستشرقين في
د ا رستهم للنصوص الأدبية,وفي هذا الاطار انتقيت للد ا رسة بعض الخطب من مدونة نهج
البلاغة.