Abstract:
إذا كانت الأمم الأخرى تعتني بلغاتها القومية ، و تسعى إلى نشرها بمختلف الوسائل بمختلف الوسائل ، فإن لغتنا العربية الفصحى ينبغي لها أن تحظى بكل رعاية و عناية و اهتمام ، لأنها هي الموحدة لكلمتنا و الجامعة لشملنا ، و الحافظة لتراثنا ، و هي لغة قرآننا ، فهي عنان لشخصيتنا العربية ، و رمز لكياننا القومي ، و عندما كانت لغتنا العربية قوية كانت أمتنا قوية ، و عندما ضعفت أمتنا أصاب اللغة الضعف، و من هنا كانت الأمة هي اللغة و اللغة هي الأمة ، و في ضعف الأول ضعف للثانية و في قوة الأول قوة للثانية، و إذا كانت الأمة قد أصيبت بالضعف في عصر الانحطاط فانعكس ذلك على ضعف أصحابها ، فإنه لا يخفى على أحد منا ما يعانيه المتعلمون في مراحل التعليم المختلفة من ضعف لغوي سواء في كلامهم ، أو كتاباتهم أو قراءاتهم كما سببته عوامل مختلفة ، من ضمنها عدم تطوير الأساليب المستخدمة في تدريس اللغة العربية و عدم اهتمام أفراد أسرة الطفل باللغة و الاستخدام السلبي للضغط و الإلتجاء في أكثر الأحيان إلى العقاب في تعليم للغة دون مراعاة للاستعدادات الفطرية و النمو الطبيعي.
وما تواجه اللغة العربية من ظروف و ما يعايشه أهلها من أوضاع ، فما زال كثير من مدرسي اللغة في مراحل التعليم المختلفة ينتهجون في تدريسهم طرق عقيمة لا تجتذب التلاميذ و لا تعمل على تنمية رصيدهم اللفظي ، و تطوير مهاراتهم اللغوية على النحو المطلوب ، بل إن بعض هذه الطرق يقلل من الحماس لتعلم اللغة، و يضعف القدرة على اكتساب مفرداتها و صيغها الصحيحة ، و يؤدي إلى النفور من دروسها ، و إذا كان واجب العناية باللغة يقع على كاهل جميع أبناء الأمة في مختلف مرافقهم و قطاعاتهم ، فإن مسؤولية مدرسي اللغة العربية أكبر، إذ بواسطتهم يتم تعليمها، و بأسلوبهم و طرق تدريسهم يتمكنون من تحبيبها للناشئة ، و على الرغم من الوضع اللغوي الراهن، و ما يعانيه التلاميذ من ضعف عام في لغتهم ، إلا أننا نلمس قلة الدراسات الأكاديمية التي تدرس الأسباب الحقيقية المؤدية لهذا الضعف و النتائج المترتبة عليه.