الخلاصة:
يرجع الاهتمام بمشكلة الانتقاء الرياضي في الآونة الأخيرة، إلى ارتفاع مستوى النتائج و الأرقام الرياضية التي تطلعنا عليها مختلف وسائل الإعلام يوميا مما أدى إلى ارتفاع هائل في حجم المتطلبات البدنية و النفسية التي تفرضها حلبة المنافسة الرياضية على اللاعبين.
و نظرا لحتمية وجود الاختلافات الفردية بين الرياضيين في مختلف النواحي البدنية و المورفولوجية و الفسيولوجية و النفسية... فقد وجه علم التدريب الرياضي اهتمامهم نحو البحث و دراسة مشكلة الاستعداد و القدرات الخاصة التي كان لنتائجها الأثر في تطور طرق قياسها و تقويمها، فضلا عن إثراء نظريات الانتقاء و التوجيه الرياضي بتلك النتائج.
و استنادا إلى تلك الدراسات، قد وجه الاهتمام إلى ضرورة البحث عن ناشئين يتمتعون باستعدادات و قدرات خاصة تتناسب مع الخصائص المميزة لنوع النشاط الرياضي حتى يمكنهم الوفاء بمتطلبات ذلك النشاط و من ثم تحقيق النتائج المرجوة في أقصر وقت و بأقل جهد ممكن، لذلك فإن لم تقم عمليات الانتقاء و التوجيه على أسس علمية سليمة، تصبح عمليات الإعداد الرياضي قاصرة في تحقيق أهدافها، فالانتقاء الجيد يعتبر أحد الدعائم الأساسية في التفوق الرياضي حيث يسهم بشكل مباشر في رفع فاعلية عمليات التدريب و المنافسات، و بالتالي في تحقيق أفضل النتائج الرياضية.
و لقد ظهرت في المجال الرياضي مؤخرا بعض الاتجاهات حول كيفية دراسة الاستعدادات الخاصة و القدرات الخاصة المتعلقة بعملية الانتقاء و التوجيه، فبينما يرى فريق من العلماء و الباحثين استخدام طرق و أساليب تعتمد على نتائج لاعبي المستويات العالية، يرى فريق آخر استخدام مجموعة من الاختبارات لتحليل توقيتات نمو و تطور عناصر القدرة و الاستعداد عند الرياضيين، في الوقت الذي يفضل فيه فريق ثالث تقييم الخصائص الفردية للنمو البدني و الخصائص و المؤشرات النفسية النفسو- فسيولوجية... و هكذا.
و قد أوصت العديد من الدراسات بضرورة إيجاد حلول فعلية حول كيفية تقييم الاستعدادات الخاصة (الصفات الوراثية) في المراحل الأولى من عملية الانتقاء و التوجيه الرياضي، باعتبار أن نمو و تطور القدرات البدنية و النفسية فيما بعد يعتمد في المقام الأول على وجود الاستعدادات كقدرات كامنة غير ظاهرة تتحول مستقبلا إلى قدرات فعلية من خلال نظام الإعداد الرياضي الذي يظهر فيه دور كل من المدرب و كفاءة عملية التدريب.
و على الرغم من الاهتمام المتزايد بدراسة مشكلة الانتقاء و التوجيه الرياضي من جوانبها المختلفة إلى أنها ميدانيا لم تحض بنفس الاهتمام مما دفعنا إلى إلقاء مزيد من الضوء على هذا الموضوع، و على ذلك فقد جاءت المادة العلمية لهذه الدراسة موزعة في فصل تمهيدي يحتوي مقدمة، طرح لإشكالية الدراسة و المتضمن تحديد الإشكالية، تساؤلات، فرضيات الدراسة، بالإضافة إلى أهمية و أهداف البحث كما تضمن الدراسات السابقة في هذا المجال.
بالإضافة إلى ثلاثة فصول في الجانب النظري توزعت كما يلي:
الفصل الأول: جاء تحت عنوان "الانتقاء و التوجيه الرياضي في كرة القدم"، و قد تضمن شرح مفهوم الانتقاء و التوجيه الرياضي و خصائصه، أهدافه، أهميته، أنواعه، كما تطرق إلى الأسس التنظيمية للانتقاء بالإضافة إلى المحددات و العوامل النفسية لعملية الانتقاء.
أما الفصل الثاني: فجاء تحت عنوان "الاختبار و القياس في كرة القدم" و قد تضمن شرح مفهوم الاختبار و القياس، و أنواعهما و مراحلهما و أهميتهما و أخطاء القياس.
الفصل الثالث: الذي كان موضوعه "خصائص الفئة العمرية" فكان لنا الحديث على المراهقة و تعريفها بالإضافة إلى الخصائص الحركية و مظاهر التغير الحركي و أهم المشكلات التي يعاني منها المراهقون و الخصائص الاجتماعية للمراهق.
كما شمل هذا البحث الجانب التطبيقي و يعتبر هذا الجانب هو أساس البحث حيث تناولنا فيه إجراءات البحث الميدانية من خلال دراسة منهج البحث، عينة و أدوات البحث، مواصفات و مفردات البحث (الاستمارة الاستبيانية و اختبارات المضمار).
ثم قمنا بعرض و مناقشة نتائج البحث وفقا للعمليات الإحصائية لعينة البحث و بعد هذا استعرضنا الاستنتاجات و التوصيات الخاصة بالبحث.
و بعد الانتهاء من الدراسة وضعنا الجدول الخاص بمستويات اللاعبين لاختبارات المضمار المقترحة.