الخلاصة:
يعتبر الزواج من أهم النظم الاجتماعية التي تعمل على حفظ توازن واستقرار المجتمع،ومن احل السبل الشرعية التي تساعد الفرد على بلوغ مستوى التوافق وتحقيق الصحة النفسية، فبه نتفادى ظاهرة العنوسة التي تعد كأحد المشكلات الاجتماعية التي تهدد كيان الكثير من المجتمعات إلا أنها تأثرت بمجموعة من التحولات الاجتماعية والثقافية كاهتمام المرأة بالتعليم ورغبتها في الاستقلال المادي والمعنوي، كما نجد الظروف المعيشية التي يعيشها الشاب كالبطالة وأزمة السكن التي تعتبر سبب رئيسي في تأخر سن الزواج، كل هذه التحولات تعتبر من أهم الأسباب التي أدت إلى تفشي العنوسة فكل امرأة غير متزوجة والتي يكون عمرها قد تجاوز ما يعتبر النطاق العمري الأمثل للزواج فهي عانس إذ يختلف معنى المصطلح بالنسبة للذكور فإن أقرب مصطلح لوصف الذكور غير المتزوجين هو "عازب" أو "عازب مؤكد، ولكن هذا الوصف للذكور لا يحمل في الغالب نفس الدلالات من حيث العمر والرغبة الملحوظة في الزواج مقارنة بمصطلح العانس إلا أنها تشير إلى مجموعة من التغيرات البيولوجية التي تمنع المرأة من ممارسة الحياة الزوجية بشكل طبيعي والمعروفة باسم (سن اليأس) حين تنقطع عنها الدورة الشهرية وتفقد قدرتها على الإنجاب، لكن ثقافة مجتمعاتنا العربية تركز على عنوسة المرأة أكثر من عنوسة الرجل باعتباره واقعا مفروضا على النساء ولذا تعد العنوسة عاملا أساسيا متحكما في الصحة النفسية لدى المرأة العانس، فقد يصحبها الكثير من المعاناة النفسية كالشعور بالوحدة والفشل والإحباط وفقدان الثقة بالذات والقلق ومن جانب أخر قد تسبب نظرة المجتمع السلبية الرافضة للمرأة العانس إحراجا لها ولأسرتها وفي كل الأحوال تعتبر المرأة الطرف المذنب والمسؤول لوضعية لم تخلقها لنفسها مما يشكل لها ضغطا عاطفيا واجتماعيا يؤثر على نفسيتها. فجميع الضغوطات التي تواجهها المرأة العانس تدهور صحتها النفسية وتؤدي بها للاكتئاب، أي بتعرض العانس لحالة انفعالية تشعر بأنها تعيسة، شقية ومتشائمة.
تتدهور الصحة النفسية للعانس من خلال إيجاد صعوبة في أداء دورها الاجتماعي بشكل كامل وعلى أتم وجه لأنها تدرك عدم تقبل المجتمع لوضعيتها الحرجة مما ينعكس ذلك لإدراكها عن ذاتها ويترتب عنه الانعزال والشعور بالنقص والكآبة والأفكار السوداوية والمحاولات الانتحارية. فقد تصاب المرأة التي تواجه مشكلة العنوسة بالإحباط نتيجة لشعورها بالفشل في تكوين رابطة زوجية فيؤدي بها هذا الشعور إلى القلق والتوتر، ومن ثم اللجوء إلى أساليب سلبية غير لائقة، كممارسة الأعمال غير الشرعية مثلا.
لا شك في أن الصحة النفسية للعانس لاتقل خطورة ولا أهمية عن الأمراض الجسمية فالحالة النفسية تؤثر على الأداء الاجتماعي للعانس، وعلى مقدار تعرضها للازمات النفسية، فمن الحكمة توفير جو صحي من الناحية النفسية والعقلية للمرأة العانس لتجنب الانحرافات السلوكية ومختلف الاضطرابات النفسية.
لقد ارتأينا في دراستنا هذه للكشف عن مدى مقدار الصحة النفسية لدى المرأة العانس في ظل الضغوطات المعرضة لها في المجتمع وتناولنا الاكتئاب كونه من أكثر الاضطرابات النفسية الأكثر شيوعا لدى المرأة، وقد اشتملت خطة البحث في الإطار النظري للدراسة على أربعة فصول: الفصل الأول من الجانب النظري فقد خصص للإطار العام للدراسة، تناولنا فيه كل من إشكالية الدراسة، تساؤلات، تحديد فرضيات الدراسة وتبيين أهمية وأهداف الدراسة، كما تطرقنا إلى تحديد المفاهيم الخاصة بالموضوع و الدراسات السابقة.
في حين تناولنا في الفصل الثاني مفهوم الصحة النفسية, العوامل المؤثرة فيها، مظاهرها، معايير الصحة النفسية و أهميتها و الفصل الثالث تضمن مفهوم الاكتئاب، أنواعه، أسبابه، أعراضه وأخيرا علاجه. أما بالنسبة للفصل الرابع من الجانب النظري فقد احتوى على مفهوم العنوسة، العوامل المؤدية لها، الآثار المترتبة عنها والحلول المقترحة للحد من العنوسة.
فيما يتعلق بالجانب الميداني للدراسة فقد تضمن فصلين، واحدا تناولنا فيه ماهية الدراسة وفوائدها، المنهج المستخدم، العينة، أدوات جمع البيانات والأدوات الإحصائية المستخدمة في تحليل البيانات، أما الفصل الأخر تناولنا فيه عرض ومناقشة نتائج الدراسة في ضوء الفرضيات.