الخلاصة:
مما تقدم ذكره يمكن القول أنه من خلال دراستنا لهذا البحث تبين لنا أنه بالرغم من الانتقادات و الاعتراضات التي وجهت لأفلاطون من طرف المفكرين و الفلاسفة سواء الغربيين أو المسلمين ، إلا أنه استطاع أن يؤثر في الكثير منهم و ذلك بواسطة أفكاره المثالية خاصة في المدينة المثالية " الجمهورية " فليس العيب أن يكون مثاليا ، فقد ألهمت مثاليته عددا كبيرا من المفكرين أصحاب المدن الفاضلة ، الذين نهجوا نهجه، و غيرهم من الداعين إلى أن تكون التربية قاعدة أساسية للسياسة (جون لوك ، وروسو ، و جوته ، جون ديوي) ، أما عند العرب المسلمين نذكر كلا من الفارابي ، إخوان الصفا ، و غيرهم (ابن رشد، ابن سينا) و أما عن أهم الأفكار الخالدة و التي فتحت الباب للبحث المستمر عن الخير العام و الدولة المثلى هي كالآتي :
• فكرة ارستقراطية المثقفين بمعنى أن السلطة السياسية يجب ان تعطي للأغنى أو للأقوى أو الأكثر عراقة و لكن الأكثر تعليما و معرفة ، و هي تعبير عن الأفكار القائمة في العصر الحالي حيث التعليم أساس النخبة الحاكمة .
• إن آراء أفلاطون ذات الطبيعة الاقتصادية في نشأة الدولة ، و ضرورة التخصص و تقسيم العمل تعتبر من أهم المساهمات السياسية الإقتصادية.
• إن آراءه في تدهور الحكومات و ميلها للانهيار إلى الأسوأ نتيجة للتغلب نزعات أدنى عند الحكام ، أي سبيل لزعامة التدهور تعتبر من المساهمات العامة.
• إن تأكيد أفلاطون على فكرة الرجل المناسب في المكان المناسب ، من الأفكار التي كان لها أكبر الأثر على تلميذه أرسطو يضاف إلى ذلك آراءه الواقعية خاصة في حكم القانون و الدولة المختلطة .
• يكفي أفلاطون فخرا أن المشاكل التي أثارها و الحلول التي قدمها لا تزال محتفظة بجدتها رغم قدم العهد بها ، إذ يجب ألا يفوتنا أنه يفصل ما بينه و بيننا اثنا و عشرون من القرون .
و منه يمكن القول أن ما جاء به هذا الفيلسوف و المفكر الإجتماعي يعد تحولا حاسم في تاريخ الفكر البشري عموما و الفكر السياسي خصوصا ، و أن المدينة الفاضلة يجب أن تقام على الحاكم الذي بمقدوره تحقيق العدالة و الفضيلة و الخير الأسمى ، و أنجع الأنظمة هو النظام الفردي الملكي الممتزج مع الديمقراطي أي التوسط بين الحرية المفرطة و السلطة البحتة و التي يمكن أن نسميها النظام المختلط في الدستور و جاء ذلك في كتابه القوانين الذي يعد كنتيجة لآخر أعماله في السياسة.