الخلاصة:
تناولنا دراسة موضوع أثر التفاعل الاجتماعي أثناء النشاطات المكملة على التنشئة الاجتماعية، من جانبين نظري وميداني، ففي الجانب النظري أشرنا إلى كل العناصر التي تخدم موضوعنا، والتي تبين أهمية النشاطات المكملة، والعوامل التي تقوم ببناء تصورات حول قيمة ذلك النشاط وكذا ركزنا على أثر التفاعل أثناء تأدية تلك النشاطات على بناء تنمية وتنشئة اجتماعية سليمة. أما في الجانب الميداني فقد أردنا التأكد من صحة الفرضيات التي وضعناها، ومن خلال النتائج التي استخلصناها يتضح أن للتفاعل الاجتماعي أثناء تأدية النشاطات المكملة الأثر البالغ في تحقيق تنشئة اجتماعية.
ونستنتج من وراء هذه الدراسة أن الفرد سليم الجسم والعقل والنفس ينبغي أن توفر له ظروف وفضاءات تساعده وتساهم في سير حياته الاجتماعية وتنشئته الاجتماعية السليمة ومن بين هذه الظروف والفضاءات مساحة تمنحها المدرسة هي الأنشطة الفنية والرياضية والموسيقية التي من خلالها يتم إرسال رسالة مفادها تكوين تكوين فرد صالح لمجتمع صالح مزدهر ومتطور ويتم أيضا من خلالها غرس بذرة الأخلاق والعادات والتقاليد الاجتماعية السليمة.
إن النشاطات المكملة تساهم في اكتساب واكتشاف مواهب التلميذ وإعطائه دافعية وإرادة أكثر للدراسة، وممارسة نشاطاته في حياته اليومية بكل حرية واستقلالية، دون ضغوط، وذلك من أجل تلبية رغباته، وتنمية مواهبه بشكل فعال، وكذا التخفيف من ضغط الحياة اليومية، كما توفر له المجال أي يشعر براحة نفسية جيدة وتخفف عليه من الضغوطات والانفعالات، والتي يحقق فيها اندماجه وتفاعله الاجتماعي.
فالتلاميذ الذين يمارسون النشاطات المكملة يتمتعون بنسبة ذكاء مرتفعة، كما أن لهم أكثر ثقة بأنفسهم، وأكثر إيجابية في علاقاتهم مع الآخرين، وهم يمتلكون القدرة على اتخاذ القرار، والمثابرة على القيام بأعمالهم. وأن التلاميذ المتفوقين في المدرسة لديهم الرغبة للمشاركة في برامج النشاط، وهم أكثر رضا عن الحياة الاجتماعية، مما يوحي أن النشاط إيجابي ولا يعرقل الحياة الدراسية للتلميذ، وأقدر على تحقيق العلاقات الاجتماعية مع زملائهم ومدرسيهم، وأكثر ميلا إلى الإبداع والمشاركة في النشاطات المحلية المختلفة، كما أن المتعلمين الذين يشاركون في النشاطات المكملة يظهرون ميلا إلى المشاركة في الأحداث السياسية والتفاعل الاجتماعي، ولهم ثقة أكبر في الناس، والمدرسين والعاملين.
هذا ما يبين لنا أن هذه النشاطات تحتاج إلى المزيد من الاهتمام في المدارس الجزائرية وفي القطاعات المكملة للمدرسة كالأسرة والمجتمع، من أجل أن تؤدي مهنتها ووظيفتها على أكمل وجه.
ورغم تقبل الأنواع المختلفة من النشاطات لدى التلاميذ، ورغم انتشارها في المدارس وخارج المدارس، فإنها تواجه الكثير من المشكلات والمعوقات التي تختلف من مجتمع إلى آخر، ومن بيئة إلى أخرى. ومعرفة هذه المشاكل التي تواجه ممارسة النشاطات أمر ضروري، وأساسي لتذليلها معرفة السبل لمواجهتها. ومن أهم هذه الصعوبات:
1. النظرة القديمة للنشاط، على أنه وسيلة للترفيه، وضياع الوقت، المنتشرة في المجتمع.
2. ازدحام الجدول المدرسي للحصص، وعدم تخصيص أوقات كافية لممارسة الأنشطة المختلفة.
3. كثرة التلاميذ في الصفوف المدرسية، يضيع على المشرف فرصة الاهتمام بالتلاميذ، وبهواياتهم، وميولاتهم، واكتشاف الموهوبين منهم.
4. ضيق المبنى المدرسي وعدم توفر الأمكنة المناسبة لممارسة النشاط، وعدم توفر الإمكانيات المادية المناسبة لتحقيق متطلبات النشاط، فالأبنية المدرسية ضيقة، وميزانية النشاط ضئيلة.
5. إهمال العلاقة بين البيت والمدرسة، مما يعرقل وضوح الأهداف من ممارسة الأنشطة المدرسية.
6. معارضة بعض أولياء الأمور لممارسة أبنائهم للنشاط المدرسي، على اعتبار أنه يعطلهم على تحصيل المعارف.
7. عدم توفر المدرسين الأكفاء، يؤدي إلى فشل النشاط.
8. عدم تعاون مدير المؤسسة، وفهمه الخاطئ للنشاط، في بعض الأحيان، على اعتباره عمل ترويحي منفصل عن المنهج المدري، وأنه مضيعة للوقت.
9. قصر الفترات المخصصة للنشاط، وكثرة المواد الدراسية الأخرى، وطول المقررات.
10. عدم وجود حوافر للإشراف على النشاط، الأمر الذي جعل المشرفين ينظرون إليه على أنه عبئ يجب التخلص منه، أو أنه يمارس دون إقبال وإن كانت هناك رغبة فيه.