الخلاصة:
إن الإحتلال الفرنسي الذي وطأت أقدامه أرض الجزائر في 1830م يعد من أخطر أنماط الإحتلال الذي عرفته البشرية طيلة تاريخها الطويل، بالنظر لبشاعته وتفرده بالتعامل اللإنساني مع مجتمع هذا البلد، حيث أخذت تمارس منذ تواجدها على أرض الجزائر شتى أساليب القمع والإضطهاد في حق الشعب الجزائري، كما تفننت في إبتكار الطرق والأساليب الأكثر وحشية لإحتواء كل أشكال الكفاح ، الذي لم يرضى بالخضوع ولم يستسغ فكرة الإستعباد والإستغلال فانطلقت منذ الوهلة الأولى موكب التحدي والإستشهاد ورد همجية الإحتلال التي شملت جميع التراب الجزائري دون إستثناء، وكانت منطقة الجلفة من بين المناطق الوطن التي لم يهدأ الكفاح فيها ضد المحتل، إنطلاقا من المقاومات الشعبية سواء بالمساهمة في تلك التي أخذت الطابع الوطني كمقاومة الأمير عبد القادر في الغرب والوسط والتي إنتهت بتسليم الأمير لنفسه للفرنسيين، بشروط كما هو معروف في ديسمبر 1847م وكذلك مقاومة الحاج أحمد باي في الشرق والتي إنتهت ببقاء الحاج أحمد باي تحت الإقامة الجبرية بالعاصمة حتى وافته المنية بسبب المرض في أوت 1850م، أو بالمشاركة في التمردات والإنتفاضات التي عرفتها كل مناطق الوطن والظاهر أن زعمائها غالبا ما كانوا مقاتلين بسطاء متشبعين بالفكر الصوفي ومدفوعين بوازع الجهاد والإستشهاد دفاعا عن كل الوطن والدين، وها نحن اليوم نقف عند شخصية عظيمة ثارت ضد الإستعمار الغاشم شخصية لم تهدأ ولم تستكن والمستعمر على أرض الوطن، إنها شخصية مقاوم بطل لم ينزل من على حصانه حتى وفاته المنية وهو يقارع الإستعمار في نواحي الجلفة، الأغواط، ورقلة تقرت هذا الرجل الذي لم يسجل التاريخ له إلا القليل من القصائد القديمة تحمل في طياتها مواقفه التاريخية، كأحد أبطال أولاد نايل.
شاع خبره وكثر الحديث عنه عبر الذاكرة الشعبية والمذكرة الفرنسية و المقرارت العسكرية من مسيرة خاضها برفقة الغيورين على هذا الوطن من صانعي ملحمة تاريخ الجزائر.