الخلاصة:
كان شعر الشعراء الصعاليك من أكثر الموضوعات الأدبية التي أثارت فضولنا
وشدت انتباهنا ومن بين هذه الأشعار شعر تأبط شرا على الرغم من قلة ما وصلنا
من شعر هذا الصعلوك إلا أنه والحالة هذه يبني عن شخصية حافلة بالنشاط
والحركة ومملوءة بالاضطرابات، ومن ثم نجد أن هذا الشعر مصبوغا بطابع
الصعلكة، حتى إننا نذهب مذهب القائل أنه لن نجد في ديوان الصعلكة شعرا
أخلص للصعلكة إخلاص الشعر الذي نظمه تأبط شرا، ولا شاعرا نذر نفسه وفنه
لمسلكه ومعتقده ونذوره.
فثابت كان النموذج الأكثر بلاغة لحال الصعاليك والأنصع بيانا لمعيشتهم، وقد
انعكس ذلك انعكاسا واضحا في شعره.
ثم إن هذا الشاعر يتمتع ببنية جسدية منفردة، وسمات لا نكاد نسمع لها مثيلا لدى
رجل آخر، فقد ضرب به المثل في سرعة العدو ونقل الإخباريون كثيرا من
قصصه في طبيعة حياته التي أثرت في تكوينه من مثل الجبال التي لا تصلها
الدواب فضلا عن الإنس أو حتى النسور وتنقله بين الشعاب وتفرده الصحراء
حتى إنه يتباهى بألفه الوحوش وكرهه للإنس.