Abstract:
ظل لوقت طويل و حتى يومنا هذا، أمرا غير مباح.
فالفكرة الأولى مؤداها أن المجتمع الدولي قادر على أن يقيم العدالة ساعة يشاء، و يسقطها ساعة شاء لو أراد.
و الشاهد في ذلك جملة العهود و المواثيق و الاتفاقيات التي عرفها العالم كاتفاقيات جنيف وبروتوكوليها، و ميثاق الأمم المتحدة، و اتفاقية حماية الطفل، و غيرها من المعاهدات والاتفاقيات الدولية، أو حتى الثنائية، التي تأكد حرص الدول وقت إبرامها على إحقاق الحق والعدالة.
غير أن ابتعاد الدول في غالب الأحيان عن مبادئ العدالة و الديمقراطية، راجع إلى تغلب المصلحة و تحكمها في العلاقات الدولية.
و الفكرة الثانية مفادها أن العالم أو الدول العظمى المسيطرة عليه و التي تتحكم في مصيره ـ بما تملكه من قوة عسكرية و اقتصادية مكنتها من اكتساب قوة سياسية و أهلية دولية إن صح التعبير لسن التشريعات و القوانين الدولية بما يتماشى و مصالحها الذاتية (و إن لم يصرح بذلك)، دون أدنى مراعاة لأبسط أخلاقيات و أعراف التعامل الدولي، ومبادئ حسن الجوار، و سيادة الدول و تساوي السيادات، و حقوق الإنسان، و الديمقراطية، و غيرها من المعاني النبيلة الفاضلة (و إن تم التصريح بذلك) ـ تكيل بمكيالين اثنين مختلفين، و لا تزن بالقسطاس المستقيم، فتجرم فعل زيد، و تحل فعل عمر، و توقع أقسى العقوبات على فلان، و تتجاوز عن سيئات علان وحجتها في ذلك عدم انطباق قاعدة قانونية أو انطباقها تارة، و عدم اختصاص جهة ما أو ثبوت اختصاصها تارة أخرى، أو غيرها من الحجج الواهية التي لو اجتمعت كلها فإنها لا تساوي فقد شخص لحياته، أو حياة أحد أقاربه أو أحبابه، أو حتى فقد حق من حقوقه أقرته له كل الشرائع السماوية، و الطبيعة الإنسانية.